مسؤول أممي حقوقي: المحادثات مع السلطات السورية مطمئنة بشأن شمول جميع السوريين في العملية الانتقالية
مسؤول أممي حقوقي: المحادثات مع السلطات السورية مطمئنة بشأن شمول جميع السوريين في العملية الانتقالية
تحدث محمد النسور رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن الزيارة التي أجراها مع المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك لمدة يومين إلى سوريا والتي وصفت بأنها استثنائية وخاصة لاسيما أن النظام السابق لم يكن يسمح للمنظمات الأممية والدولية بالعمل بحرية داخل سوريا أو حتى استقبال المسؤولين الدوليين مما اضطر المفوضية إلى نقل مكتبها إلى بيروت منذ 2012 والذي من المقرر أن يعود إلى دمشق مرة أخرى خلال الأيام المقبلة.
وحول أهمية الزيارة أكد النسور في تصريحات نشرها موقع الأمم المتحدة اليوم الأربعاء، أن الزيارة تعتبر الأولى للمفوض السامي لحقوق الإنسان لسوريا، ولم يسبق لأي مفوض سامي من قبل زيارة سوريا منذ إنشاء مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
زيارة خاصة
وأوضح أن هذه الزيارة ذات أهمية خاصة نظرا للتغييرات التي حصلت في الشهر الماضي والثورة السورية وقيام حكومة القائمة الآن - الحكومة الانتقالية - بالسيطرة على البلاد، وأيضا البدء في بناء سوريا الجديدة "فبالتالي كان لا بد للمفوض السامي السيد فولكر تورك أن يزور سوريا نظرا لأهمية ملفات حقوق الإنسان".
وأكد أن المفوضية دعمت سوريا في السنوات الماضية بتقديم العديد من التقارير حول الاعتقال، الاختفاء القسري، التعذيب، القتل في سجون النظام السابق، وغيرها من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان - بالإضافة إلى المجازر التي ارتكبت، وتدمير المناطق المدنية، وأيضا الهجمات بالسلاح الكيماوي.
ومن ناحية نظرة الجانب السوري أكد أنها كان لها أصداء إيجابية بين السوريين خاصة السلطات الرسمية في دمشق.
صورة غير إيجابية
ولم يخفي النسور أن هناك صورة غير إيجابية لدى الشعب السوري، وأيضا السلطات، حول الأمم المتحدة. وحول الأسباب التي دفعتهم إلى تبني تلك الصورة ذكر أن هناك نوع من الإحباط وخيبة الأمل نابعة من أنه خلال السنوات الأربع عشرة الماضية، لم تقم الأمم المتحدة - حسب السوريين في الشارع – بما يمكن أن تقوم به لإعادة اللاجئين أو للإفراج عن المعتقلين أو الذين قتلوا تحت التعذيب.
وبالرغم من ذلك أوضح أن هناك توقعات لدى المجتمع المدني كبيرة جدا لملفات حقوق الإنسان، بالإضافة للمفقودين، هناك الانتقال الديمقراطي، والعدالة الانتقالية، واستحوذ الأمر على حيز من مباحثات المفوض السامي، سواء مع المجتمع المدني أو السلطات الرسمية.
وأضاف “نتوقع أن يكون هناك عمل كبير وأجندة مزدحمة للمفوضية السامية فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان لبناء مستقبل أفضل ومنع تكرار ما حدث خلال السنوات السابقة تحت حكم النظام السابق”.
وفيما يتعلق بالتقارير التي أفادت بأن السلطات الجديدة في سوريا تجهز لمحاكمة مسؤولي النظام السابق الذين ارتكبوا جرائم أكد أنه من الممكن إنشاء محاكم وطنية لمحاكمة على جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، لكن يجب أن يكون هناك قضاة مدنيون، وأن نبتعد عن القضاء العسكري والمحاكم الخاصة مشيراً إلى أن تجربة سوريا تحديدا في هذه الأنواع من المحاكم الخاصة هي تجربة سلبية جدا.
ملاحقة النظام السابق
وأوضح المسؤول الأممي أن "هناك عداً كبيرًا من التقارير التي ترد عن استهداف لبعض الأقليات الدينية وبعض أفراد المجتمع وبعض من كان يتعاون مع النظام السابق لكن لم يتسن لنا أن نتأكد منها بدون وجود موظفين على الأرض، وبدون الرصد والمتابعة، وبدون وجود أيضا نقطة اتصال واضحة مع الحكومة الحالية حول مواضيع حقوق الإنسان".
وأشار إلى وجود مؤشرات مطمئنه من قبل السلطات الجديدة وتأكيد على أهمية شمول جميع السوريين في العملية الانتقالية وفي بناء سوريا الجديدة.
وحول إمكانية محاكمتهم دوليًا أكد أن سوريا ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية ومن الممكن لها أن تصبح طرفا بأثر رجعي ويحيل مجلس الأمن الملف السوري والانتهاكات والمرتكبين إلى المحكمة الجنائية الدولية، حسب اختصاص المحكمة.
واستكمل "هناك المحاكم في بعض الدول التي لديها اختصاص عالمي ويمكن - إذا وجد أحد الأشخاص المتهمين على إقليم هذه الدولة - أن تتم محاكمته. ويمكن للحكومة السورية نفسها أن تقيم محكمة خاصة، أو محكمة تختص بالجرائم التي حصلت في الفترات السابقة".
وأكد من المهم جدا تطبيق العدالة الانتقالية، "لدينا تجارب في المنطقة وخارجها تتعلق بجبر الضرر والاعتراف. أهم شيء بالنسبة لأهالي الضحايا هي معرفة مصير أفراد الأسرة والأحباء الذين فقدوا، ليس فقط خلال 14 سنة التي حصلت فيها الثورة، لكن منذ السبعينيات من القرن الماضي. فبالتالي حجم ملف العدالة كبير جدا في سوريا والناس لديها توقعات كبيرة في هذا الشأن".
وأوضح أن الحكومة الحالية لديها أولويات في الأمن والاقتصاد والمعاشات والكهرباء، ولكن هناك رغبة شعبية كبيرة جدا بتحقيق العدالة.
عملية انتقالية تشمل جميع السوريين
وبالنسبة للأقليات في سوريا وحقوق المرأة قال النسور "أعتقد كان الحديث مطمئنا جدا على أهمية شمول جميع السوريين في العملية الانتقالية وفي بناء سوريا الجديدة. هذه التصريحات كانت موجودة وأيضا ضمن الحديث الذي حصل مع السلطات. فبالتالي هنالك تأكيدات".
وأضاف "يجب أيضا أن نأخذ بعين الاعتبار كيفية تقديم المشاغل للسلطات الآن في دمشق. مؤكداً أن التركيز على فئة محددة دينيا أو أي فئة أخرى في المجتمع قد يساء تفسيره بطريقة أو بأخرى. نحن نقول إنه حسب مبادئ حقوق الإنسان يجب أن تشمل أي عملية ديمقراطية أو صنع قرار الجميع بدون استثناء مكونات المجتمع".